جواز المخرجة ايناس الدغيدى من الاعلامية هالة سرحان

 

**«البتكوين» تحلق نحو آفاق جديدة: اختراق حاجز 109,400 دولار في ظل تحولات تنظيمية واستثمارات مؤسسية**

 

في تطور لافت يعكس الديناميكية المتزايدة لسوق الأصول الرقمية، سجلت عملة «البتكوين» مستوى قياسياً تاريخياً جديداً، حيث لامست عتبة الـ 109,400 دولار أمريكي. هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل كان تتويجاً لتضافر عوامل متعددة، أبرزها التقدم التشريعي الهام في الولايات المتحدة، وتزايد الإقبال المؤسسي، فضلاً عن البيئة الاقتصادية العالمية التي تدفع المستثمرين نحو الأصول البديلة.

**«البتكوين» تحلق نحو آفاق جديدة: اختراق حاجز 109,400 دولار في ظل تحولات تنظيمية واستثمارات مؤسسية**

**«البتكوين» تحلق نحو آفاق جديدة: اختراق حاجز 109,400 دولار في ظل تحولات تنظيمية واستثمارات مؤسسية**

**قانون «جينيوس» كرافعة أساسية للسوق**

 

يُعد إقرار مجلس الشيوخ الأميركي لمشروع قانون «جينيوس»، الهادف إلى تنظيم العملات المستقرة (Stablecoins)، بمثابة نقطة تحول فارقة.

 فعلى الرغم من أن «البتكوين» ليست عملة مستقرة بطبيعتها – حيث تُعرف العملات المستقرة بأنها أصول رقمية مصممة للحفاظ على قيمة ثابتة مرتبطة عادةً بعملة ورقية أو سلع – إلا أن هذا التشريع يحمل في طياته دلالات أوسع. فهو يشير إلى نضوج الهيئات التنظيمية واستعدادها لإنشاء إطار قانوني واضح لصناعة العملات المشفرة ككل.

•  هذا الوضوح التنظيمي طالما كان مطلباً رئيسياً للمستثمرين الكبار والمؤسسات المالية
•  إذ يقلل من المخاطر المرتبطة بالغموض التشريعي ويفتح الباب أمام تبني أوسع نطاقاً.

 

1. إن تجاوز العقبات التشريعية السابقة التي واجهت مشاريع قوانين مماثلة يمثل انتصاراً كبيراً لقطاع
2.  الأصول الرقمية. فالتوقعات تشير الآن إلى بيئة تنظيمية أكثر دعماً، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين
3.  ويشجع على تدفق المزيد من رؤوس الأموال إلى هذا القطاع. ومع ترقب طرح مشروع القانون
4.  للتصويت النهائي في مجلس الشيوخ وإحالته لاحقاً إلى الرئيس ترمب للتوقيع، تسود حالة من التفاؤل
5.  الحذر بأن تكون هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة من التكامل بين النظام المالي التقليدي وعالم
6.  الأصول الرقمية.

 

**عوامل دعم إضافية تعزز المسار الصعودي**

 

لم يكن التقدم التشريعي هو المحرك الوحيد لهذا الارتفاع. فقد شهدت «البتكوين» زيادة ملحوظة تجاوزت 46% منذ أدنى مستوى لها في أبريل (نيسان). ويُعزى جزء من هذا الانتعاش إلى تصاعد المخاوف العالمية بشأن التوترات التجارية، خاصة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية الأمريكية، مما دفع بعض المستثمرين إلى البحث عن أصول ملاذ آمن أو أدوات تحوط بديلة، ووجدت «البتكوين» مكاناً لها ضمن هذه الاستراتيجيات.

 

• إضافةً إلى ذلك، كان لقرار إدارة الرئيس ترمب في مارس (آذار) بإنشاء احتياطي استراتيجي من
•  «البتكوين» أثر إيجابي بالغ. هذه الخطوة، التي تهدف إلى تعزيز مكانة الولايات المتحدة كداعم
•  رئيسي للأصول الرقمية، أرسلت إشارة قوية للأسواق العالمية مفادها أن أكبر اقتصاد في العالم يرى
•  قيمة استراتيجية في «البتكوين»، مما شجع على المزيد من الاستثمار والتفاؤل.

 

1. ولا يمكن إغفال الدور المتنامي لصناديق تداول «البتكوين» المتداولة في البورصة (ETFs). ففي
2.  شهر مايو (أيار) وحده، شهدت هذه الصناديق تدفقات صافية ضخمة بلغت 3.6 مليار دولار. يعكس
3.  هذا الرقم تجدد الاهتمام الزائد من قبل المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء، حيث توفر هذه
4.  الصناديق وسيلة سهلة ومنظمة للاستثمار في «البتكوين» دون الحاجة إلى التعامل المباشر مع
5.  تعقيدات الحفظ والتداول على منصات العملات المشفرة.

 

كما أسهم دعم شركات الخزانة الكبرى التي تركز على العملات المشفرة، مثل شركة «استراتيجي» بقيادة رجل الأعمال المعروف مايكل سايلور، وشركة «توينتي ون كابيتال» التي تم إطلاقها حديثاً، في تعزيز هذه الموجة الشرائية. إن تبني هذه الشركات لـ«البتكوين» كأصل احتياطي أو استثماري رئيسي لا يوفر فقط دعماً سعرياً مباشراً، بل يضفي أيضاً مصداقية إضافية على العملة المشفرة كفئة أصول قابلة للاستثمار المؤسسي.

 

**التحديات والمخاطر الكامنة**

 

على الرغم من هذا الزخم الإيجابي، لا تخلو الصورة من تحديات. فالتوترات الجيوسياسية، وتحديداً بين الولايات المتحدة والصين، تلقي بظلالها على المشهد. الانتقادات الصينية الشديدة للقيود الأمريكية الجديدة المفروضة على رقائق الذكاء الاصطناعي الصينية، والتي وصفتها بكين بأنها "تنمر" مع التوعد بالرد.

•  تُهدد بإفساد الهدنة التجارية الهشة بين القوتين الاقتصاديتين. 
• أي تصعيد في هذا النزاع قد يؤدي إلى اضطرابات في الأسواق المالية العالمية
• بما في ذلك سوق الأصول الرقمية، مما قد يعطل مسار الانتعاش الحالي.

 

**نظرة مستقبلية**

 

يمثل بلوغ «البتكوين» لسعر 109,400 دولار علامة فارقة تعكس تقاطع عوامل متعددة: نضوج تنظيمي، قبول مؤسسي متزايد، وبيئة اقتصادية عالمية تدفع نحو التنويع. إن إقرار قانون «جينيوس» للعملات المستقرة، وإن لم يكن معنياً مباشرة بـ«البتكوين»، إلا أنه يمهد الطريق لمزيد من الشرعية والشفافية في النظام البيئي للعملات المشفرة بأكمله.

 الختام

ومع ذلك، يبقى الحذر واجباً. فالتقلبات السعرية الكبيرة هي سمة متأصلة في «البتكوين»، والتوترات الجيوسياسية قد تؤثر سلباً على معنويات المستثمرين. لكن المؤشرات الحالية، مدعومة بالتدفقات المؤسسية القوية والتحركات الحكومية الداعمة، ترسم صورة متفائلة لمستقبل «البتكوين» كأصل استثماري ذي أهمية متزايدة على الساحة العالمية. 

إن المرحلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا الارتفاع يمثل بداية اتجاه صعودي مستدام أم مجرد قمة مؤقتة في رحلة «البتكوين» المتقلبة.